تعتبر المنافسة في بيئة العمل أمراً طبيعياً، وانعكاساً للحاجة الداخلية عند الإنسان في النمو والتفوق على غيره وتقديم الأفضل لما فيه مصلحة العمل والإرتقاء به، فتقود المنافسة الشريفة إلى التطوير والابداع في العمل دون محاولة هدم جهود الآخرين والتقليل منها، أما إذا أخذت المنافسة شكل الغيرة فمن شأن ذلك أن يضر مصلحة العمل العامة، ويقوض الإبداع والارتقاء، لأن الغيرة تختلط بالرغبة في التقليل من قيمة أعمال الآخرين والسعي نحو إفشالها بشكل غير أخلاقي وضار بمصلحة العمل.
فيلقى الموظف المقاومة من الآخرين الذين يعملون من أجل إفشاله وعدم نجاحه في مهمته، ناهيك عن السخرية والاستهزاء به كلما حاول التغيير أو كلما أتى بفكرة جديدة ومبدعة، محاولين قتلها في مهدها، على اعتبار أن هذه الأفكار والأعمال الجديدة محكوم عليها بالفشل، بل هي مجربة من قبل وتمت محاولة تطبيقها دون فائدة.
ونظراً لأن النجاح في العمل هدف يسعى الجميع لتحقيقه والوصول إليه، يسعى بعض الموظفين نتيجة شعورهم بالغيرة من زميلهم المتميز إلى تدمير نجاحاته لأنهم لا يستطيعون تحقيق مثل هذا النجاح، فتحركهم الغيرة نحوه نظراً لأنه يمثل صورة من صور النجاح التي تذكرهم بضعفهم وقلة حيلتهم، وبالتالي محاولة إحباط أعماله والتقليل من شأنها وإفشالها.
ويلعب المدير دوراً أساسياً في ظهور الغيرة المهنية في ميدان العمل عندما لا يكون عادلاً مع الجميع ويشجع الأنانية في العمل ويطمس العمل الجماعي، ويرفع من شأن موظفين على حساب آخرين، والكيل بمكيالين معهم نحوهم، وعدم توفير بيئة العمل المستقرة الآمنة، وعدم مراعاة الفروق الفردية بين الموظفين وتشجيع الأفكار والقدرات الخلاقة التي يتمتع بها بعضهم.
وهذه الغيرة بين الموظفين بلا شك تنعكس سلباً على الأداء في العمل، وتصرف الموظفين عن الإبداع والرغبة في تطوير الذات إلى مواضيع هامشية والانشغال بالمكيدة والإيقاع بالطرف الآخر، ليبقى الهم الوحيد هو تصيد العثرات والأخطاء، فيبقى الأداء والعطاء في العمل محدوداً ولا يرتقي إلى مستوى المنافسة الشريفة، ويسود نظام العمل الفردي، وقلة عطاء الموظفين المبدعين وبحثهم عن فرص عمل أخرى وبالتالي خسارة المؤسسة لهم.